الخلافات الزوجية

الخلافات الزوجية

الخلافات الزوجية


تعريف الخلافات الزوجية

قد يختار كل من الزوجين بعضهما ويحسن كلاهما الاختيار حيث يبدآن معا حياة جديدة ومستقرة لفترة زمنية معينة ولكن ما تلبث أن تنشأ بينهما خلافات ونزاعات قد تكون بسيطة عابر وقد تكون شديدة مستمرة  قد تكون نتيجتها أحيانا انفصال أو طلاق بين الزوجين.

نلاحظ أن هناك أسباب مختلفة ربما تكون أساسا لتلك الخلافات الزوجية ومنها عدم قدرة أحد الزوجين على التكيف والتأقلم مع شريكه وهذه مشكلة غالبا ما تحدث بين الزوجين عند تقرير أحدهما عدم إمكانية التغيير من طباعه اليومية أو عاداته في أكله وشربه ولباسه ومصروفه وطريقة تعامله مع غيره من الناس.

وهذا مخالف لفكرة الزواج الأساسية حيث أنه عبارة عن انسجام  فردين قد يكونا مختلفين تماما وكل منهما كان له بيئته الخاصة وآرائه واتجاهاته التي تعكس شخصيته لذلك فإن الهدف الأساسي من الزواج يجب أن يقوم على تفهم واحترام الطرفين لبعضهما البعض والتأقلم سويا، ومن لا ينوي أن يتأقلم ويتعايش مع شريك حياته فإنه يواجه خلافات زوجية لا محالة.

أسباب الخلافات الزوجية المستمرة

هناك سبب آخر يترتب عليه خلافات وهو تحول الحوار إلى نقطة صدام وعنف مما يترتب عليه انقطاع الحوار والصمت وذلك لكون الحوار خلال فترة الخطوبة محصورا على الحب والمشاعر والاشتياق والأمنيات والطموح، وبعد ذلك ينتقل ليقتصر على ترتيبات الزواج وما يلزمه من دعوات احتفالات والبيت والعفش وغير ذلك من التفاصيل، حتى أنه من المستغرب أن عديد من الأزواج قد يتفقوا على عدم حدوث مشاكل فيما بينهما، 

كما يتفقوا على عدم الاختلاف لكونهم محبين وهائمين، وبالتالي لا يتفقوا على آلية معينة للتخلص من المشاكل والنزاعات والعمل على حلها، بناء على ذلك قد تسود حالة من الصمت حيث إن كل من الزوجين يرغب بالكلام  ولا يريد الاستماع ومن هنا تنشب الخلافات و تصبح الحياة صعبة.

إن عدم الاحترام يعد سببا آخر في نشوب الخلافات بين الزوجين حيث إن أحدهما قد لا يعتبر الاحترام أمر مهم في العلاقات الزوجية، إلا أن الاحترام في  الواقع يمثل جوهر العلاقة الزوجية حتى تصبح ناجحة، وقد يعد عدم وجوده سببا لحدوث مشاكل وخلافات ليس لها حدود، وقد لا يخلو أي نقاش بين زوجين بينهما اختلاف من أن يشير أحدهما إلي الآخر بأنه لا يحترمه حيث أن  الزوجة تعتبر زوجها لا يحترمها أو قد يعتبر الزوج أن امرأته لا تحترمه، أو أنه يحرجان بعضهما أمام الناس بما يصدر عن أحدهما من انتقاد.

المجتمع المحيط وأثره في حدوث الخلافات الزوجية

إن الأسرة والزوجين لا يمكنهما العيش في معزل عن المجتمع، وبناء على ذلك فإن العلاقات الزوجية قد تؤثر على المجتمع  وتتأثر به أيضا، وذلك ربما قد ينعكس على العلاقة بين الأزواج واستقرارهما وحدوث المشاكل والخلافات بينهما. فعلى سبيل المثال فإن عائلة الزوج تؤثر بشكل كبير على علاقة الزوجين بعضهما، حيث إن العلاقة قد تكون جيدة وربما رائعة وخالية من المشاكل فبالتالي تكون داعمة وربما تكون سلبية فبالتالي تسبب خلافا بين الزوجين، فعائلة الزوج إذا كانت تعتبر أن زوجة الابن قد سيطرت على ابنهم الغالي وأخذته على الجاهز وأن لهم حق بابنهم أكثر من زوجته، فحينها قد تنصب مبادئ العداوة  والكراهية من قبل أن يتعرف عليها، وفي حالة عدم فهم الزوجة لتلك العقلية ودخلت حياتهم وأصبحت جزءا من هذا الصراع، ففي أغلب تلك الحالات فإن الزواج قد يبوء بالفشل، وأيضا قد يكون بعض الأزواج يرجعون لأهلهم عندما يتخذون أي قرار وذلك إما لاعتمادهم عليهم في الجوانب المادية أو العاطفية أو كليهما، وهناك زوجات قد يعتبرن تلك العلاقة بين أزواجهن  وأهلهم  فيه تناقض كبير مع حقها في زوجها والذي  يعتبر بالنسبة لها كاملا غير منقوص ، وذلك بالتأكيد ينتج عنه زواج غير سعيد.

تأثير الأسر على علاقات أبنائهم الزوجية 

وعائلة الزوجة قد تعتبر عاملا مهما في علاقة الزوجين بعضهما فمثلا إن عائلة الزوجة تشكل المرجعية الأولى للزوجة في قراراتها، فقرار الزواج نفسه قد يتم اتخاذه بمشاركه العائلة بأكملها فيه وأيضا في حالات الطلاق أو الانفصال فإن عائلة الزوجة تلعب دور أساسي فيها، حيث إن بعض العائلات تنظر وكأن زوج الابنة سلب حق ابنتهم  وأخذ ابنتهم المدللة وأن أي نمط مغاير لما اعتادوا عليه يعتبرونه جريمة لا تغتفر ، مما يبعد ذلك عن أهل زوجته بدلا من بناء أسرة جديدة تسودها علاقة بناءة رائعة تربط الزوج بأهل زوجته.
والعنصر الثالث من المجتمع المحيط والذي يؤثر بشكل كبير على علاقة كل من الزوجين بعضهما هو الأصدقاء فمن الطبيعي أن يكون لكلا الزوجين مجموعة من الأصدقاء، كما أن لعائلتيهم شبكة أصدقاء مماثلة أيضا، وعند الزواج فلا بد  يتم إعادة تنظيم تلك العلاقات، حيث أن هناك بعض أصدقاء الزوج  يصبح لديهم علاقة صداقة مع العائلة وبعضهما الآخر تبقى علاقته القديمة كما هي ، وكذلك الحال بالنسبة للزوجة، علاوة على  العلاقات الاجتماعية الممتدة  وعلاقات الجيرة أيضا وغير ذلك من العلاقات الاجتماعية والتي يفترض أن تقوي الشبكة من العلاقات تماسك الأسر والأزواج وتقلل الخلافات و المشاكل، ولكن المعروف في مجتمعاتنا أن الانتقادات الموجهة للأشخاص ونقل الكلام يخلق جوا مشحونا يؤثر على الزوجين بدرجة كبيرة قد تصل إلى الطلاق، لا سيما إن كانت هذه الشبكة عندها شغف ومولعة في أن تختلق قصص خيانة وعلاقات غير شرعية.

أثر المشاكل النفسية على العلاقات الزوجية

لا شك أن المشاكل النفسية تؤثر بشكل كبير على العلاقات الزوجية مما تؤدي إلى اختلاق الخلافات والمشاكل الزوجية والتي  تلعب دورا كبيرا في تطور المشاكل وازديادها،حتى لو كانت الأمراض النفسية نتيجة المشكلات النفسية فإن الخلافات تبقى في تطور مستمر في الحياة الزوجية فمثلا إن الاضطرابات في شخصية أحد الزوجين تجعل منها شخصيات متطرفة في عاداتها وقد تجعل الحياة معها صعبة، ومن تلك الاضطرابات السلبية، العزلة عن المجتمع، والتعصب، والدقة المتناهية، والغرور والنرجسية وغير ذلك من أنواع التطّرف، بحيث يواجه الطرف الآخر  صعوبة في مواقف ما تجعله يقوم بردود فعل خاطئة  فمثلا قد يرد العصبية بمثلها أو يرد التدقيق المتناهي بالفوضى، فبالتالي يصبح البيت ساحة حرب في مثل تلك المواقف. كما أن تعاطي الكحول والمخدرات والإدمان عليها من قبل أحد الطرفين تسبب معاناة واكتئاب للطرف الآخر وقد يدمر الأسرة بأكملها، وقد يسبب الانحراف والإدمان والجريمة للطرف الآخر ولأبنائه أيضا، والصمت على الوضع لن يقود إلى الحل حيث إن المدمن يعتبر مريض ويحتاج للعلاج أما استمرار وجوده في الأسرة  سيدمرها بلا شك.

إن الحل المناسب للخلافات الزوجية لا بد أن يتم على أكثر من مستوى. فالأول يكون على مستوى الزوجين وهنا يجب على الزوجين أن يحددا المشاكل معا ويقومان بكتابتها والتحدث بشأنها والتحاور  بهدوء وتناولها نقطة تلو الأخرى، إلى أن يتم التوصل إلى اتفاقات وتنازلات، ومن المفترض أن تعالج معظم المشاكل الزوجية في ذلك المستوى دون أن يقحم أحدهما الآخر ثم بعد ذلك يتم حلها على مستوى الأصدقاء والعائلة، بحيث أنه إذا أخفق الزوجان في الوصول إلى علاج جذري ومناسب لمشاكلهما فلا بد أن يقوم أحد الأصدقاء والأهل بالتدخل والتوصل للحلول المناسبة، و ذلك يتم بإرسال رجال إصلاح أهلها وكذلك من أهله ليحكموا ويصلحوا بينهما، إلا أنه في كثير من الأوقات يتم استخدام أسلوب الصلح في هذا المستوى دون أن يخوضوا  في المشكلة بشكل فعلي، وهذا نتيجته أن المواضيع تؤجل وتتراكم المشاكل فترة بعد أخرى.


أما المعالجة الزوجية فتأتي في المستوى الثالث وغالبا ما تكون في العلاقات المتداخلة والتي تتشابك فيها عوامل عديدة ويخفق كل من الأصدقاء والأهل في التوصل لحل مناسب، لكن المختصين وأصحاب الخبرة قد يكون لديهم القدرة على مساعدة الزوجين في التوصل إلى حل مناسب لخلافاتهما وهذا في حال وجود عزم ونية حقيقية للإصلاح بينهما واستقرار حالهما كزوجين، ولكن إن كان الهدف من  الحضور للمعالجة الزوجية هو إثبات من هو صائب ومن هو مخطئ.

فكرة الحل ستذهب سدى بلا فائدة  وذلك لأن حل الخلافات الزوجية ومعالجتها ليست محاكمة أو انتقام، المستوى الرابع هو التدخل الطبي حيث أنه إذا تبيّن أن أحد الأزواج لديه مشكلة نفسية وذلك حسب تقييم الوضع فإنه يجب معالجة هذه المشاكل مثل الإدمان والاكتئاب والفصام ومن الأفضل أن يكون ذلك قبل أن تكبر العلاقة ويتم دخولها في تفاصيل أخرى، حيث إن هذه الخلافات والمشاكل  والتي غالبا ما تتصف بأنها متداخلة ومتشابكة مع الخلافات الزوجية ومن الممكن أن يتم القضاء على المشاكل بعلاج المرض النفسي.

الوقاية من المشاكل الزوجية

لا بد من الجدية في العمل على الحد من الخلافات الزوجية قدر الإمكان، وذلك لأن ما يتبعها من خلاف يؤدي إلى حرمان الأبناء من أحد الوالدين وازدياد معدلات الطلاق، وهناك ثلاثة مستويات تبنى عليها الوقاية من الخلافات الزوجية، حيث إن الوقاية الأولية هي المستوى الأول وهي عبارة عن العمل الجاد لتفادي حدوث الخلافات الزوجية وذلك بزيادة مستوى الوعي والتفاهم في الاختيار.

المعاملة من خلال حل المشاكل البسيطة حيث إن ذلك واجب تربوي وإعلامي أن ذلك الأسلوب نادرا ما يؤخذ بالاعتبار بالنسبة للشعوب العربي، أما المستوى الثاني فهو الوقاية الثانوية والتي تعتبر محاولة لاكتشاف الخلافات في مرحلة مبكرة وحلها في أسرع وقت حتى لا تتفاقم.

 استخدام  كل الأساليب العلمية والمنطقية لعلاج الخلافات وهذا ما يتم إهماله في  العادة فبالتالي تتصاعد الأمور وتصل للطلاق، أما المستوى الثالث فهو الوقاية الثلاثية التي تعتبر خطوة مهمة جدا في متابعة العلاقة بين الزوجين وذلك بعد علاج الخلافات وحل المشكلات بهدف التأكد من أنها لن  تتكرر ولم يظهر غيرها من خلافات ومشاكل.


واخيرا يجب ان ننوة بأهمية  التخلص من روتين الحياة الزوجية الذى يعد من اهم طرق الوقاية من الخلافات الزوجية والعمل على التجديد الدائم يعد من الأمور الهامة.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-